اسطورة الروح الرياضية
كان القدماء يبتكرون روحا لكل شيء , ثم يؤمنون بها ويقدسونها , فهناك روح للنعاس وروح للتفاؤل واخرى للحزن وهكذا .....
ومع مرور الزمن تحولت تلك الارواح الى آلهه يعبدونها .....
ثم تبعثرت هذه الآلهه بعد دخول العالم في مرحلة اكتشاف الكهرباء والسيطرة على العتمة التي تخلق الخيالات .
تبعثرت الارواح , ولم يتبق منها على قيد الاستخدام سوى ما يسمى بالروح الرياضية , مع انها اكثر اسطورية وخيالية ولاواقعية .
الجميع يستخدمها مع أن لاأحد يؤمن بها أو يصدق بوجودها ,,,
لكن متطلبات التهذيب ومتطلبات المجتمع المدني وضرورات الاتكيت العالمي تقتضي التظاهر بها والتعامل معها كأمر حاصل لامحاله.
الروح الرياضية لم تختف مع الارواح ألاخرى المشابهة لأنها – ببساطة ــ لم تكن موجودة ابدا , منذ عهد قابيل وهابيل , مرورا بالالعاب الاولمبية على مدار القرون ,,,
وليس انتهاء بأي مباراة رياضية , في أي مكان بالعالم انتهت للتو .
هذه طبيعة البشر : لاأحد يتقبل الهزيمة , ولا أحد يمتلك الروح الرياضية ,,,
لكن الانسان يستطيع ـــ الى حد ما ــ
أن ينافق ويدعي بأنه حضاري وطيب يتقبل الهزيمة برحابة صدر وضمير , مع انه يتمنى لو يغرز آلاف الخناجر في صدر خصمه ,,,
حتى لو كان هذا الحصم اخاه أو أباه , أو أي واحد من الاسماء الخمسة .
قلت ان الانسان يستطيع تقبل الهزيمة الى حد ما , لكن حد التنافس تجبر الانسان على خلع ثوب التمدن والعودة الى طبيعته الاولى , مهما كانت درجة حضاريته ,,,
لاحظوا مثلا أن اكثر شعوب العالم اهتماما بالتهذيب والاتكيت , هم اقل شعب في العالم يحفل بالروح الرياضية ,,,
( اقصد الانجليز طبعا )
الذين ابتكروا شغب الملاعب اصلا , وشعبهم هو أكثر الشعوب دموية بعد المباريات الرياضية ,
وخصوصا رياضة كرة القدم .
اذا فالروح الرياضية مجرد مساحيق نغطي بها دمامل القلب بعد الهزيمة , الى أن تستشري تلك الدمامل المختبئة , وتأكل الروح والجسد معا أو تظهر للعيان دفعة واحدة وتأكل الاخضر واليابس والمحروق .
طبعا ما يحصل في برطانيا يحصل في امريكا و اوروبا بأكملها كما يحصل , وسيحصل حاضرا ومستقبلا ...
في الاردن ومصر والجزائر وكل مكان في العالم ,
لابل ربما يكون اكثر الاشياء المشتركة بروزا بين البشر لايختلف فيه البريطاني المتأنق عن احد افراد قبيلة الزلو في افريقيا .
أكثر ما يضحكني هوادمان المعلقين الرياضين ــ خصوصا العرب ــ على تكرار عبارة الروح الرياضية بدون مناسبة عشرات المرات خلال المباراة ,
لابل انهم يكثرون تكرارها حينما يحصل اي تماس يدوي بين اللاعبين , مذكرين الجمهور ـــ وليس اللاعبين ـــ بالروح الرياضية ,,,
وغالبا ما يدعون ــ على الهواء مباشرة ــ بأن الجميع أخوة , وما حصل جاء نتيجة الانفعال وقد تم تطويق الحادث وعادت الامور الى (مجاريها)
وها هي الروح الرياضية تحلق فوق رؤوس الجميع , وفجأة يرتفع وطيس الخناقة ليشمل جميع اللاعبين والكادر الفني ,,,
وتنتقل عدواها للجمهور و (تنخبص ) الدنيا بينما المعلق الرياضي العربي ما زال يلوك بإسطوانة (الروح الرياضية ) المشروخة .
ما العمل .... ما الحل ؟
الحل هو التوقف عن تعاطي ماريغوانا الروح الرياضية والتفكير بوعي وجدية في طريقة افضل وأنجح للسيطرة
على شغب الملاعب .
في الواقع انا لاأمتلك حلولا
لكني اعرف أن أول طريقة للحل هي الاعتراف بالمشكلة وادراكها عمليا ...
علينا اولا أن نعترف جميعا بأن ( الروح الرياضية ) ... اسطورة .... مجرد اسطورة .... ثم نبحث معا عن الحلول .