جــآئت تمشي على استحياء وتقول : هل اشتقت لي .؟
استجمعت قواي ... ولملمت ما بقي من ذاكرتي لأيام قد خلت وقلت :
ما رأيت سجينا يشتاق لجلاده ... .!!!؟
قالت : وهي تبتسم متبرمة : وهل أنا السجين .؟؟
قلت : باستهزاء أكثر ... نعم .
قالت : ولكني لا أرى جلاَّدي .
قلت : جلادك سيدتي في إجازة .. وربما قد مات هناك .
قالت : إذن أنا الآن حرة بلا قيود ... بلا آلام .
قلت والغيظ يملأ قلبي : وبلا مشاعر .. وبلا أحاسيس ... بل وبلا إنسانية
فجلادك سيدتي هو ضميرك الذي قد مات ... إنسانيتك التي ولدتي بدونها
وهذا أهم موروث ورثتيه عن ذاك الرحم الذي احتضنك طيلة التسعة أشهر ..
قالت وأرى الدموع في عينيها : إلى متى ستبقى هكذا .. كبرياؤك سيقتلك .؟
قلت : بل هي الكرامة التي تفتقدين لها .. هي التي تأبى علي أن أتنازل ولو عن
جزئ بسيط منها مقابل كنوز العالم أجمعها فما بالك وان كان لأجلك .؟؟؟؟
قالت : ولكنك ستموت ... !
قلت : موتي بكرامتي أرحم من عيشي
بين ورود الذل ...
وبساتين الخيانة ...
وثعابين ألسنتكم ...
قالت : ارحم نفسك ستموت ..!
قلت بل ما أراك إلا تخافين أنتِ الموت
وما خلقنا لنخّلَّد هنا
ولكن الإنسان فقط هو من يُخلد اسمه
وأما موت أمثالك .. حتى الأرض لو تنطق
لقالت .. لن أحتضن هذا الجسد الخبيث
أنا لست كرحم أمها
قالت : قسوة علي جدا ...
فهل من سبيل للمغفرة .؟
قلت : وهل من سبيل لإعادة الروح لجسد الميت .؟
قالت : أشعر بزفرات الموت تقترب مني
قلت : ولكن زفرات الخيانة كانت أشد وطأً
قالت : ارحمني ..
قلت : لو كنت كذلك .. لرحمت نفسي
لو أستطيع لمسحتك من الوجود
لو أملك من أمر الدنيا .. لمنعت عنك الماء والهواء
لو أملك من أمر نفسي .... لقتلتها
قالت : أشعر بالموت
قلت : أنا قد عشته
قالت : أرجوك خذ بيدي ... سأسقط
قلت : وأنا ..!! من أخذ بيدي حين سقطت .؟؟
بينما أنا كذلك
وإذ بها تنهال عليَّ جثة هادمة
سقطت بين أحضاني
لم أصدق عيناي ... حاولت إنقاذها ..
نسيت كل شيء .. نسيت كل ما كان منها
نسيت كل لحظة ألم كانت سببا فيها
فالموت كان أكبر من أي ألم
والألم الأكبر أنها ماتت وهي تطلب الصفح مني
ولكني كنت حازما .. نعم .. حازما
كنت أظنها تلعب بي .. بمشاعري
ويا ليتها كانت .. ولم تمت
يا ليتها كانت ولم تمت
يا ليتها كانت ولم تمت